Thursday, October 27, 2011

عبقرية النظام الاسلامى

تقوم عملية التفريق بين المذاهب الاقتصادية المختلفة على اساس المشكلة التى يعالجها كل مذهب
 فالمذهب الرأسمالى يقوم على معالجة مشكلة ندرة الموارد مفترضاً محدودية الموارد لذلك فهو يقوم على مبادئ استغلالية تستغل الموارد بافضل شكل متاح وعليه فأن الامر متروك لألية السوق وتفاعل قوى العرض والطلب بدون اى تدخل خارجى وبحرية تامة
اما المذهب الاشتراكى فانه يقوم على معالجة مشكلة التوزيع اى توزيع الثروة فهو يفترض ان المشكلة الرئيسية هى عدم وجود الية حقيقية فى النظام الرأسمالى لتوزيع الثروة لذلك فهو لا يعترف بالملكية الخاصة ويعتبر كل الثروة المتوفرة فى المجتمع انما هى ملكية عامة وعليه فالدولة هى المالك الوحيد للثروة فى المجتمع

وهذين المذهبين هما اشهر المذاهب الاقتصادية المعتمدة فى المرحلة الحديثة وان كان المنظرون يضيفون اليهما المذهب الاقتصادى المختلط الذى يقوم على مبدأى الملكية العامة والية السوق بمعنى انه يأخذ من النظامين كل بقدر معين .

وقد اثبت النظامين قشلهما الذريع فى معالجة المشاكل الاقتصادية على المدى البعيد ويفسر علماء الاقتصاد ذلك بأن الاسس التى يقوم عليها كل من النظامين تقود الى مسارات متداخلة معقدة يطلق عليها علماء الاقتصاد مصطلح متاهة -paradox- او مراحل انعدام المنطق حيث انه - فى النظام الرأسمالى - يعتمد حل المشكلة الاقتصادية على الية السوق التى تؤدى الى ما يعرف بالدورات اى دورات الكساد والرواج
فى النظام الاشتراكى يعتمد حل المشكلة على الغاء الملكية الخاصة وعدم الاعتراف بها فى مقابل الملكية العامة والمقصد من ذلك انما التحكم فى عملية توزيع الثروة ولكن العيب الذى يؤدى الى المتاهة هنا ان عدم الاعتراف بالملكية الخاصة يتناسى تماما الفروق الفردية بين الافراد والذى من المفترض ان يكون معيار التفاوت بينهم فى المستوى المادى هذا بالاضافة الى انها تفتح الباب على مصراعيه للمحسوبيات والمحاباة والتحكم السياسى فى الثروة مما يكون له الاثر المدمر على المجتمع ولا يوجد ادل من المثال الروسى على متاهة النظام الاشتراكى  

من كل هذا يقف النظام الاسلامى موقف وسطى معتدل متكامل يعتمد على ادخال العنصر الروحى فى الاقتصاد 

فالنظام الاقتصادى الاسلامى يفترض ان المشكلة الاقتصادية انما هى مشكلة اخلاقية فى المقام الاول  وعليه فهو يعالج المشكلة من منظور اخلاقى فيشرع للزكاة والصدقة والايثار وما الى ذلك من الاخلاق الاسلامية المعروفة 
وهو يقرر ان الموارد غير محدودة بمعنى ان كل انسان قد امن له الخالق رزقه قبل خلقه ... يقول الحق عز وعلا " وفى الارض رزقكم وما توعدون " ولذلك فهو يتمتع بميزة التفاؤل على العكس من النظام العلمانى 
والنظام الاقتصادى الاسلامى حين ينظر للمبادئ الاقتصادية من المنظور المادى فانه يقوم بوضع منظومة قيمية تعتمد فى الاساس على العمل والاخلاق فهو اذ يعلى من القيمة الاخلاقية للعمل فانه يمزجه مع الاخلاق بشكل بناء ويقرر ان العمل هو المعيار الوحيد لاستحقاق القيمة
ولنعطى مثال اكثر وضوحا ....
فى النظام الاقتصادى العلمانى بشكل عام تقوم فكرة الفوائد او الربا بالمفهوم الاسلامى ... وتقوم فكرة الفوائد على ما يعرف " بثمن الفرصة البديلة " بمعنى ان انه فى حالة عدم الاقراض واستثمار راس المال فى وجهة معينة كم تكون الارباح المتوقعة وتضاف كفائدة 
اما فى النظام الاسلامى والذى يعتمد كما قلنا على العمل كمعيار لاستحقاق القيمة فانه يحرم الفائدة من الاساس استنادا الى المعيار المذكور وهو بذلك يحرم ما يعرف بتأجير راس المال ويستعيض عن طرق التمويل بالفائدة بطرق تعتمد على العمل كقيم حاكمة مثل التمويل بالمشاركة بانواعه الاسلامية المعروفة (المرابحة - المفاوضة - المضاربة - شركات الوجوه .. وغيره)
ويرجع علماء الاقتصاد الحاليين اسباب اكتساح الانظمة الاسلامية للهيكل الاقتصادى العالمى الى ان الاسلام يحرم المشتقات المالية من مثل الفوائد وعمليات التوريق المالى فى البورصات والرهن العقارى ... الى اخره ... ويعتمد فى خلق القيمة والثروة على العمل فى المقام الاول
ولا ادل على ذلك من كتاب الاقتصادى الكبير كويرتر (كوارث الفوائد ) الذى يشرح فيه باستفاضة تأثير الفوائد على الثروة فى المجتمع 

واذا سلمنا ان النظام الاشتراكى انتهى تماما وانه لم يزل فى مواجهة النظام الاسلامى سوى بقايا النظام الراسمالى فاننا نورد الاتى :
فى عام 2008 عندما كانت اكبر 184 بنك علمانى تتعرض للافلاس كانت البنوك الاسلامية فى امريكا واوروبا تحقق نسب نمو تصل الى 40%  من حجم الاصول 
وفى عام 2009 ومنذ بداية الازمة العالمية عام 2008 تضاعف حجم الاصول المملوكة للبنوك الاسلامية فى اوروبا وامريكا من 500 مليار الى تريليون دولار وتحقيق مستويات عالية من الارباح غير العادية 
فى عام 2010 بعد سيطرة هذه البنوك على نسبة كبيرة من السوق الائتمانى الاوروبى والامريكى وافساح مكان معتبر لها فى هذين السوقين الكبيرين فانها تحق نسبة نمو فى اللشرق الاوسط فى العام المذكور تصل الى 25% كبداية 
ولا يخف على الجميع النجاحات المبهرة التى تحققها ماليزيا وتركيا باستخدام المبادئ الاسلامية بل انه فى امريكا واوروبا تقوم تيارات كبيرة بالمناداة بتطبيق النظام الاقتصادى الاسلامى مما حدا بالحكومات الغربية  ببدء الدراسات الفعلية للتحول الى النظام الاسلامى 
 وصدق الله العظيم اذ يقول "ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوى عزيز "
.
.